عندما نقول أنّ الدين لا يجب أن يكون له سلطة سياسيّة واجتماعيّة [و عندما أقول أنّه لا يجب أن يكون هناك أية سلطة من أصله على الأفراد والمجتمعات], نقولها للسبب المبيّن أدناه. ببساطة, إن لم يستسغ البعض المسرحيّة بإمكانهم دفع الباب بأرجلهم والخروج من المسرحيّة وكتابة ردّ عنيف سيرحّب به كثر في الجرائد الرسميّة, هذا ما أفعله عندما أشاهد التلفزيون السوري وعندما أقرأ مدوّنات ومقالات لا تعجبني, ببساطة أكبس زرّ ورابط آخر وأردّ على بعضها هنا في مدونتي, لكن أن أحرّض على إلغاء مسرحيّة من أصلها لأنّها لا تليق “بفهمي” للعروبة و”فهمي” للقيم الدينية لا هو أمر مرفوض فحسب, ولكنّه يدلّ على فئة سلطويّة تقرّر على لسان الأفراد والمجتمع كيف “تكون” القيم وتلغي ما لا تمثّلها. هؤلاء قد عرّفوا ما هو “الصواب” وماهي “عروبة” والقيم “الدينية” ونتيجة لتعريفاتهم الفرديّة هذه يقرّرون ما على المجتمع ككل أن يشاهد وكيف يجب عليه أن يفهم العروبة والدين. من نصّبكم حاميننا وأولياء أمرنا لتقولوا ما يجب علينا أن نشاهد وما يجب ألا نشاهد؟ هذه الفوقيّة في التعامل مع المواطن على أنّه لا يفقه مصالحه هي فوقيّة دكتاتوريّة توازي تلك التي ترى أنّ في حجب المواقع حماية لعقل المواطن السوري من الضلال. أنتم لا تفهمون, أنّنا حينما نجد أنّ لسوريا لون قانونيّ واحد, نبحث عن الألوان الأخرى في المنفى, أو في السجن أحيانا.
ايقاف عرض “طقوس الاشارات والتحولات” لسعد الله ونوس في حلب
منذ 2 يوم/أيام
دمشق (ا ف ب) – اوقفت السلطات السورية في مدينة حلب عرض مسرحية “طقوس الاشارات والتحولات” لسعد الله ونوس مساء الثلاثاء بعد اعتراضات من قبل بعض رجال الدين على ما اعتبروه “اساءة ومساسا تضمنتها المسرحية بحق القيم والرموز الدينية”.
وقال مفتي حلب ابراهيم السلقيني لوكالة فرانس برس الخميس ان “كثيرين ممن حضروا المسرحية في اليوم الاول (في حلب) ذكروا لي انها هابطة وفيها مشاهد لا تتلاءم مع عروبة امتنا وقيمها”، واضاف انه حسبما نقل المعترضون اليه “الصورة التي ظهر فيها المفتي الشاب في المسرحية فيها اساءة للرموز الدينية وتتنافى مع نظامنا العام”.
واوضح مفتي حلب انه نتيجة لتلك الاعتراضات التي نقلت له “اتصلنا ببعض الجهات والمسؤولين” مما ادى الى ايقاف عرض المسرحية.
واللافت ان المسرحية، التي شاركت في انتاجها مديرية المسارح والموسيقى السورية مع المركز الثقافي الفرنسي بدمشق، عرضت في مدينة حماه واستضافتها العاصمة السورية بعدها في عرضين لكنها لم تخلف تلك الاعتراضات التي احدثها عرضها في حلب.
وكان من المفترض ان تقدم المسرحية عرضين في حلب الا ان عرضها الثاني، والاخير في سوريا، تم ايقافه.
من جهته اكد مدير المسارح والموسيقى في سوريا عجاج سليم لوكالة فرانس برس ان مديريته “ليست مسؤولة عن ايقاف المسرحية، وهي لم تتعاط باسلوب المنع طيلة عملها، كما ان نص المسرحية منشور في سوريا”.
واضاف انه تم اعطاء بعض الملاحظات للمخرج بهدف “حماية العرض ورعايته”، وتتركز تلك المحظات، بحسب سليم، على شخصية المفتي في المسرحية، مؤكدا ان تلك الشخصية “هي شخصية مفتي مسرحي، وليس المقصود بها اي مفتي آخر”.
وكان مخرج المسرحية الفرنسي وسام عربش، وهو من اصل عربي، قال خلال نقاش تلا عرض المسرحية في دمشق “اصبحنا نعرف انه عندما نشتغل على نص لسعد الله ونوس سيكون هنالك مشاكل تثار”، مؤكدا انه “اذا كان ثمة مشاكل سياسية او دينية في المجتمع فيجب الا نحملها للنص او المخرج”.
وتنطلق المسرحية من حادثة تاريخية استلهم منها الراحل ونوس نصه، وكان اوردها فخري البارودي في مذكراته “تضامن اهل دمشق”، عندما يدبر مفتي دمشق خلال الحكم العثماني القبض على نقيب الاشراف متلبسا في وضع فضائحي مع احدى المومسات.
لكن المفتي يتنبه الى فضيحة سجن نقيب الاشراف مع تلك الموس، وما يلحقه ذلك من اذى لسمعة الاشراف الذين يستمد المفتي سلطته من موقعهم واحترام الناس له، ولذلك يستبدل المومس بزوجة نقيب الاشراف لتدارك الفضيحية، الا ان ذلك الاجراء يبدل في مصائر شخصيات العمل الاساسية.
وتنتمي هذه المسرحية لنتاج سعد الله ونوس (1941-1997) الاخير وكتبها عام 1994، وقدمت في مصر ولبنان وفي اوروبا على يد عدة مخرجين غير سوريين، منهم المخرجة اللبنانية نضال الاشقر والالمانية فريدريكه فيلدبك.
حقوق الطبع والنشر © 2009 AFP. جميع الحقوق محفوظة.
أنا شخصياً لم أقرأ ولم أشاهد المسرحية كي أحكم على ما ورد فيها وكذلك أنا شخصياً ضد فرض قيود على الأدب والمسرح (ضمن حدود معينة). لكن في النهاية لا أرى الأمر مستغرباً ولا محصوراً لا برجال الدين ولا في سوريا أو في الوطن العربي فقط. في جميع دول العالم المتحضرة توجد لوبيات مختلفة لديها قوى ضغط مستمدة من قاعدة شعبية وتختلف قوة اللوبي بحسب قوة قاعدته الشعبية وهي ظاهرة صحية لا تتنافى مع مبادىء الديموقراطية. لو أن لوبي يمثل غالبية شعبية لها نفس الرأي فمن الطبيعي أن يكون الرأي هو رأي الاغلبية. ورغم أننا لسنا دولة ديموقراطية إلا أن ما حدث يعكس حالة ديموقراطية قد تحدث في أي بلد غربي.
وإن اعتراضك على الموضوع هو ليس اعتراض على رأي بعض رجال الدين بل على رأي قاعدة شعبية عريضة جدا وغالبة لدينا يمثلها رجال الدين.
مع التحية
لا أعتقد أنّه يجب علينا أن نحكم على “المسرحيّة”, بل على “إلغاءها”, فمهما احتوت على أفكار غير مستحبة لفئة لا شيء يبرّر سياسة الرقابة على أي جهة كانت, أكانت أدبا أم لا
بالطبع لست متفاجئا, فالرقابة ثقافة شعبوية تمارس كل يوم, إلى حدّ أنها أصبحت “القيم” ذاتها
أن ندوّن عن حدث جلل لا يعني أننا متفاجئون عزيزي لوقوعه, بل يعني أننا ندين هذا التصرّف
ولا أدري لم الربط بين الدول الغربية التي دعوتها بالـ”متحضرة” وسوريا في ممارستهما الرقابة
إن كانت الدول “المتحضرة” تمارس الرقابة هل يجعل دكتاتورية سوريا أقل وطئة؟
حقيقة لا افهم اللجوء دوما لهذه المقارنة حصرا عندما يتعلق الأمر بتخلفنا, والتي هي برأيي وسيلة دفاعية دونية نستحمي بتخلف الغرب المتحضر لندافع عن تخلفنا
نعلم علم اليقين عزيزي أن الرقابة ليست محصورة في سوريا أو في رجال الدين في سوريا
لم يفترض أحد هنا ذلك كي تقول غيره
أما عن بقيّة تعليقك, الحقيقة أنه يعاني إشكاليات كثيرة
أولا افتراضك أن رجال الدين يمثلون قاعدة شعبية كبيرة, وثانيا تقول أنه حدث ديموقراطي
سؤالي هو على أي أساس افترضت أن لرجال الدين قاعدة شعبية كبيرة؟
وسؤالي الثاني هو كيف أصبح إلغاء مسرحية, حدث ديموقراطي؟
مرحباً أنس
للعلم المسرحية مبنية على قصة حقيقية، واللوبي لا يمثل قاعدة شعبية عريضة بالتعريف، بل يمثل جماعات خاصة لها مصالح خفية تقدمها على مصالح الكل، وتختلف قوة اللوبي باختلاف النفوذ (المالي أو السياسي) للذين يمثلهم، القواعد الشعبية العريضة لا تحتاج للوبيات ضغط، فاصواتها أقوى من أي لوبي.
لا تبرر عملاً كهذا بالديمقراطية
أصبت النقطة تماماً أنس, أحسنت
I don’t think that cancelling such works or any other artistic forms is a sign of civilization or not, really.. The CCCP had it’s glory with “civilization” but a certain political propaganda limited artistic expresisons to the maximum. Merely political propaganda. And what I see here is the same.. The goverment is on a notable method activating all religious ideologies on the expense of other backgrounds, seems this is their understanding of democracy.. No wonder in few years the Muslim Brotherhood located no in France, will be a political dominant party here!
Anas, I would like you to give me examples of art works that were canceled in the west.
As for Wannous, his problematic texts are not problamtic by nature, but as referred in Razan’s link, it’s the nature of the society that could make any “idea” problematic, including a playwrite who dedicated his life to expose the illness of society.. He didn’t come up with these problems, there were there, and he only brought them to the surface for those who preach.
I recommend you in reading “الأيام المخمورة” , another play for Wannous with the same contexty of exposure.
If such a day ever comes I know it would be the last day for me in Syria.. I can’t live in a country where a religious majority forces it’s beliefs on the rest.
Saudi Arabia and Iran are the two last places I’m willing to live in on earth.
Yeah Anas I totally agree, the last thing we need is another branch of “Khatemi productions” in Damascus, but look how it’s going; for the last decade the religious authorities are notably rising on the expense of the constitutional seculrism, you see it evident with the Qubaisi community, and somehow their direct or indirect involvement in the elections. This is the first example I can think of, but you can easily find other evidents just walking in a random street. I see things unlike what I saw them 12 years ago.
Also, let’s keep in mind that the muslim brotherhood did actually desert the “salvation front” a while ago, with a statement voicing out that one of the reasons of this action is the disagreement they had with the other parties of the front regarding the Palestinian cause, which crysitalized in the last war on Gaza.. These were not any pleasing news when I first read them!
أنس
أضيف إلى ما قالت رزان أنّ اللوبي ليس “ظاهرة صحية لا تتنافى مع مبادئ الديموقراطيّة” بل إنه نفي لهذه المبادئ بالتعريف لأنّه يغلّب مصلحة فئة على كلمة الشعب و لأنّه يمرّر مصلحته غالباً عبر الكواليس.
هذا الالغاء مبرر جدا لأن الكاتب العظيم سعد الله ونوس سوري وبالتالي يجب عدم التشجيع على انتشار المفاهيم “الغير متلائمة مع عروبة أمتنا وقيمها!!” وخاصة من قبل السوريين المفكرين الخطرين على القطيع الغرائزي، وأية قيم هذه التي تمنع مسرحية من العرض؟ ولماذا لا يمنعون الكازيونات في كل المدن السورية من عرض الأفخاذ والصدور؟ أم أنها تتلاءم مع “عروبة أمتنا وقيمها” هذا الكلام مشابه للرقابة المفروضة على الكتب فإن كان الكاتب سوري فهو ممنوع من نشر كلام “غير محبذ ومتلائم مع عروبة أمتنا وقيمها” أما اذا كان الكتاب ترجمة ويحتوي على المسبات والسخرية من احادية الفكر والزعامة ويذكر العملية الجنسية بالتفصيل الممل جدا وكيف يقف القضيب ذلك الحيوان المتأهب كما في”الحب في زمن الكوليرا” فهو مسموح المهم ألا يكون الكاتب والانسان والحيوان سوريا لأن على السوريين العيش في قوقعة اسمها الدين مغلفة بتقاليدنا المبجلة ومختومة من قبل مشايخ حلب ودمشق ولوس انجلس وشكرا….
التحقيق شرط للتجاوز
لن نتجاوز الظلام حتى يعم الظلام ويحكم
الطفل لا يتعلم الابتعاد عن النار حتى يجرب لهيبها. اللسعة لا تكفي هنا، يحب أن تحرق وتترك ندبه تذكره بألم الحرق وتوابعه.
لتأتي الديموقراطية ولتُنتخب اللوبيات وتقوى بقواعدها الشعبية وتكبر وتضرب وتلغي وتحرق ولنتجاوز ما نحن فيه. نعم هي ظاهرة صحية كما يقول أنس، خطوة مؤلمة لا بد منها.. فتفائلي.
سالينا, Gottfried Stutz وكنان
شكراً على تعليقاتكم التي بالفعل حدّدت المشكلة لدى كل من يمارس الإلغائية, ويبرّره من قبل بعض المدونين
إنّ أي مدوّن يبرّر ثقافة الإلغائية لا يجب أبداً أن يتحدّث عن حرية التعبير
إماّ أن تدان الإلغائية أو تدان حريّة التعبير, لا يمكن نمجّد أحدهما وفق أجندتنا
وللأسف الشديد فإن موقف وزير الثقافة في محاولة عرض طقوس الإشارات والتحولات في حلب في السنة الماضية لم يكن أفضل ..
” إنها منافية للعادات ”
أذكر أنه في زمن غابر ..ثار رجال الدين ضد نزار قباني لنشره قصيدة خبز وحشيش وقمر ..فكان من وزير الثقافة حينها أن قال ” إنه شاعر تعتبرون أنه اعتدى عليكم بقصيدة فلترودا عليه بقصيدة”
ومع ذلك ….فالأمل يملؤني
ما تقلقوا مرّة كنا أنا وزملائي بالمسرح عم نعمل مسرحية بي اللاذقية و كنت أخد شخصية سعد الله يعني تخيلنا سعد الله لو كان عايش لهلق شو كان رأيو بالمسرح و حكيت عن هي القصية تعيت حلب و حكيت عنها بالمقابلة يلي عملوها معي ….. يعني كيف مفتي بوثف عرض مسرحي …. شو دحش معلاقو…. و عموماً إذا رح نضل عم نسمع كلام “المعاليق المتحركة” اي الثرثارين و المتطفلين …. بعمرنا ما منشتغل أو منوصل فكروة و حتى يمكن بعمرنا ما بنحلم ….