تقول ممرّضتي :
كنت تهذي طويلا ، وتسألني :
هل الموت ما تفعلين بي الآن
أم هو موت اللغة ؟!
تقول ممرّضتي : كنت تهذي
كثيرا ، وتصرخ بي قائلا :
لا أريد الرجوع إلى أحد
لا أريد الرجوع إلى بلد
بعد هذا الغياب ألطويل …
أريد الرجوع فقط
إلى لغتي في أقاصي الهديل !!
يا موت ! ياظلّي الذي سيقودني
يا ثالث الاثنين ، يا لون التردّد في الزمرّد والزّبرجد ،
يا دم الطاووس ، يا قنّاص قلب الذئب ، يا مرض الخيال
اجلس على الكرسيّ !
ضع أدوات صيدك تحت نافذتي
وعلّق فوق باب البيت سلسلة المفاتيح الثقيلة !
لا تحدّق يا قويّ إلى شراييني لترصد نقطة الضعف الأخيرة
أنت أقوى من نظام الطبّ ..
أقوى من جهاز تنفّسي
أقوى من العسل القويّ ،
ولست محتاجا – لتقتلني – إلى مرضي !
فكن أسمى من الحشرات
كن من أنت ، شفّافا بريدا واضحا للغيب
كن كالحبّ عاصفة على شجر ،
ولا تجلس على العتبات كالشحّاذ أو جابي الضرائب
لا تكن شرطيّ سير في الشوارع !
كن قويّا ، ناصع الفولاذ ، واخلع عنك أقنعة الثعالب .
كن فروسيا ، بهيا ، كامل الضربات .
قل ماشئت
م.د.
تبا لك يا موت قهرتني وحرمتني
ليه تركتوني خذوني
ايها الاموات الاحياءعيشو
ايها الاحياء الاموات موتو
تبا لك يا موت قتلتني وخذلتني
اذا كنتوا عم تسمعوني فاسمعوني
والغريب انو ما عم تجاوبوني
انا بحبكم ما تتركوني ما تتركوني
وعاد في كفن
رحم الله محمود درويش