أنا وعزمي بشارة

استضافت بيروت يوم الجمعة الماضي كلّ من عزمي بشارة في مركز طبّارة في منطقة الصنايع, والرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في الجامعة الأمريكية في بيروت. كنت ذاهبة لأستمع لكارتر كوني لم أعلم أنّ بشارة سيحاضر في بيروت إلا قبيل ساعة من موعد محاضرته.

اعتقدت أنّه من المهمّ أن أستمع لأوّل رئيس أمريكيّ يصف احتلال اسرائيل لأراضي 67 بـ”الفصل العنصري”, ذاك اللفظ الذي يستهجنه الغرب عامّة في وصف سياسة اسرائيل خاصّة. رغم هذا, اعتقد أنّ قراءة كارتر لاحتلال اسرائيل بحدّ ذاتها مغلوطة والتي سأتحدّث عنها لاحقاً بعد أن أنتهي من كتابة أطروحتي الماجستير. لذا وجدت أن أستمع لبشارة كوني أعتبر أهميّته تكمن في كونه مفكّر عربي مميّز وأجده احترافيّاً في إعادة صياغة مشكلات وسوء قراءتنا نحن المحليين لواقعنا وللعالم من حولنا.

تلك هي المرّة الثالثة التي أستمع إليه مباشرة وبشكل شخصيّ. كان قد حاضر في بيروت منذ سنتين في معرض الكتاب في بيل, وحاضر في بيروت الشهر الماضي في مسرح المدينة في شارع الحمراء, وهاهو يحاضر في مركز طبّارة في منطقة الصنايع.

عزمي بشارة يعني الكثير الكثير بالنسبة لي, هو الكاتب الوحيد الذي أحاول جمع كلّ ما يكتب من كتب وروايات ونص إيقاعيّ, وهو الكاتب الأفضل في كتابة المقالات التحليلة السياسّية والتي أحاول متابعتها بشكل دائم. ولأجله أنشأت مدوّنة خصيصاً لأرشفة جميع مقالاته بالعربية والانكليزية, هو من أختار أن أسهر معه ليلة رأس السنة على شاشة الجزيرة مباشر. هو ليس فلسطينيّاً بالنسبة لي أو عربيّاً, هو ذاك القارئ  المتشائل.

كنت أخجل من مصافحته وحتى الاقتراب منه لأرى وجهه عن قرب في المرّتين السابقتين, لكنني استجمعت قواي يوم الجمعة وذهبت إليه مبعدةً بعنف كل الشخصيّات المهمة من حوله, لأصافحه, وصافحني, لكنّني لم أكتفِ بمصافحته:

“حابّين ندعيك لتحاضر بالجامعة الأمريكية”

“أي بس مش هلأ, بدا تنسيق”

“أي أكيد فيني آخذ رقمك أو إيميلك؟”

“يالله هلا بعطيكياهن”

دوّن رقمه وبريده الشخصيّ على دفتري مستخدماً قلمي, الذيْن تصارعت حول الاحتفاظ بهما مع صديقي:

“رزان بديش أعطيكي دفترك!”

“بلا غلاظتك بهاء, هادا دفتري وقلمي!”

إي نعم, أنا طفلة مع عزمي بشارة.

سأحضّر جيّداً من أجل استضافة عزمي بشارة في الجامعة الأمريكية في بيروت, لا بل سأعرّفه بنفسي أمام الحضور حينها. سوف أقول للعالم لمَ عزمي بشارة استثنائيّ, وسوف أردّ على جميع الاتهامات التي تطاله , تلك التي تختزله إلى “منافق” حين يتحدّث عن الديموقراطيّة من جهة ويزور أحد الزعماء العرب من جهة ثانية. كما سأردّ على من يدعوه بالعروبيّ  (يقصدون بها أيدولوجية العروبة التقليدية).

مع احترامي لهؤلاء, لكنكم أسئتم قراءة بشارة.

المهم أودّ أن أشارككم بنقطة أثارها في الندوة.

في تعليقه على الهجوم الأمريكي والأوروبيّ على برنامج إيران النووي يقول:

“تقول أمريكا واسرائيل أنهما ضد إيران لتملّك سلاح نووي لخشيتهما على أمن بلاديهما من هجوم إيراني, رغم تملّك فرنسا والصين وبريطانيا والباكستان وكوريا الشمالية والبرازيل والهند السلاح  أو البرنامج ذاته, لكنّ إيران وحدها, لا يحقّ لها ما يحقّ لغيرها.”

وهنا يردّ على منطق الدولتين الآنفتين الذكر بتذكيرنا بالتجربة التاريخية لاستخدام السلاح النووي:

إنّ المرّة الوحيدة التي استخدم فيها السلاح النووي في التاريخ هو عندما كان محتكرا. اذن وبالعكس تماماً  لمنطق كلّ من اسرائيل وأمريكا, إنّ عدم امتلاك السلاح هو تهديد محتمل لأمن الدول, لا امتلاكها بحدّ ذاته, ذلك أنّه وبامتلاكها للسلاح, هي تلغي اتوماتيكيّا احتمال الهجوم من أصله, وهذا تماماً ما يُقصد بتعديل موازين القوى في العالم.

3 thoughts on “أنا وعزمي بشارة

  1. genin2002 says:

    يعني صار الرجال بهل الزمن قلائل
    والدكنور عزمي من القلائل
    عاشقه ونرجسيه كعادتك
    سعيده برجعتك

  2. Zaher says:

    لقد شاهدت الدكتور عزمي بشارة بشكل شخصي في أكثر من مناسبة . لكن للأسف لم تتاح لي فرصة أن أقابله أو ألقي التحية عليه.

    أحسدك يا رزان :)

  3. سوسو says:

    ياليت تخبرينا بموعد المحاضره و اذا كانت منقوله عالجزيره
    شكرا

Comments are closed.