بعيداً عن متناولي

لم أكن قد تفحّصت جسد شاب كما تفحصته من قبل
كؤلئك الذين ترينهم في شوارع دمشق وحمص وحما وطرابلس وصيدا
وهم يتفرسون بنهديكِ ومابين ساقيك
هكذا تماما تفحصته
لربما لانني كنت اعلم مسبقا ان هذه الحفلة لن تكون لكِ بقدر ما تكون لغيركِ
رغم ان الدافع وراء ذهابي كان الرغبة بمعرفة إن كنت سأجدها أم لا
لم أجدها
لم تأتِ
أو لم أرق لها
رغم أنني حرصت على ان اكون “الغجرية” كي اروق لها
لا بأس
سأقلق حول ذلك لاحقاً
الآن دعيني أتفحص بمن هم ليسوا بمتناول يدي

كانت الموسقى بدائية للغاية
لا وجود لهيفاء وهبي أو سميرة سعيد
استغربت ثقافة الغرب الذي لا يفقه اصول الاغراء
وشعرت بالشفقة لهؤلاء المحليين الذين رضوا بهذه الموسيقى لتحرك اجسادهم
اما ان يكون رقصا ام لا
كررت لنفسها

تنبهت اليه قادما من البوابة
كان بزي ابيض ناصع
كان الرجل “المستقيم” المازوخي بعصاة للضرب
كان قد لفت انظار الجميع
بزيّه وبطلّته
ابتسم اذ راى صديقه
وتحسّر الجميع لابتسامته
لكنّنا ظللنا نصاحبه باعيننا

بدأ يرقص دون ويسكي او شوت تيكيلا
كان يرقص
سمعت نفسها تقول على الملأ
“اوه ماي غاد هي از سو هوت”, لم يسمع احد ترهاتها
عما تتحدث؟
كان تتحدث عن كل ايماءة
عن تمايله وخفة جسده المتناغم مع هذه الموسيقى الجامدة
خجلت من نفسها وهي تراقبه
ابعدت ناظريها عنه وحاولت لهي نفسها بالحشد الممل
“هاي” قالت لها احداهن وهي تمرّ بجابنها للمرّة الثانية
“هاي” اجابتها ببرود عندما تفحصت جسدها وادارت لها وجهها لتفهم الرسالة
“نوت انترستد” حبيبتي
لكن الحادثة اعجبتها وأرضت غروراً بات مستحيلاً اختباره هنا
كان العديد من الشبان” المستقيمين” قد ابدو اعجابا بها
لكنها تجاهلتهم جميعا دون ان يكون قصدها العكس تماما
وجدت نفسها تنظر ناحيته مجدّداَ
غير انه مرّ جانبها دون ان ينظر اليها حتى
شعرت بخيبة امل كبيرة
ابتلعتها باحتراف

رغبت بالرحيل أيضاً
رحلت هي وصديقاتها الى نادِ مستقيم جدا
وملّت من نظرات الشبان الذين أبدوا إعجاباً متنبأً به بزيّها الغجري
راقصت اثنان أو ثلاث
لكنّها اذ رحلت الى منزلها فجراً
حتى ظلّت صورة خصره المتمايل يسكنها في مضجعها
مستمتعة بفكرة أنّه لن يكون بمتناول يدها يوماً
دونما مهانة
أو حتّى أمل بنسج قصّة خيالية
عن حبّ مستحيل.